الأحد، 10 ذو الحجة 1445هـ| 2024/06/16م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2024-05-15

 

جريدة الراية : لم يبق لمنافق أو متخاذل ستر يستتر وراءه

فقد انكشف الغطاء عن الجميع

 

 

 

سجّل الوفد التونسي رسميا تحفظه على ما جاء في وثائق مؤتمر قمة التعاون الإسلامي، المنعقد في غامبيا، 05 أيار/مايو 2024 بخصوص القضية الفلسطينية، من إشارات إلى "حدود 4 حزيران/يونيو 1967" و"حلّ الدولتين" و"القدس الشرقية" انطلاقا من موقف تونس الثابت ودعمها غير المشروط للشعب الفلسطيني في نضالاته من أجل استرداد حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف والتي لا تسقط بالتقادم ومناصرتها لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس.

 

اجتمع قادة 57 دولة ممن يحكمون المسلمين، والعنوان "التّعاون الإسلامي"، ولكن على ماذا؟ وكيف يكون التّعاون؟ اجتمع من يزعم أنّهم يريدون إعانة أهلنا في غزّة، فكيف كان توافقهم؟ هل توافقوا على تحريك جيوشهم، وهي مجتمعة من أقوى القوّات على الأرض؟ قد يقولون لا قِبَلَ لنا بأمريكا وحلفائها، ولكن الوقائع تفضح كذبهم وزيفهم؛ فثلّة قليلة من شباب غزّة بعدّة متواضعة قد أذلّوا جيوش يهود وعصاباتهم وقهروا أسلحة أمريكا وحلفائها، ومن قبلهم المجاهدون في العراق والفلّوجة الذين هزموا جحافل الأمريكان وقهروهم وأجبروهم على التّقهقر، ثمّ المجاهدون الصّادقون في أفغانستان، وغيرها من الوقائع الكثير الكثير.

 

كان بيانهم فضيحة بكلّ المعايير يكشف عن خيانة وتواطؤ مع العدوّ. فيه اعتراف صريح بكيان يهود، وبسلطته على ما اغتصبه من أرض فلسطين المباركة، بل أكثر من ذلك مشاركة في ذبح أهلنا في فلسطين وغزّة واتّباع ذليل بل خسيس لأمريكا وحلفها الأثيم بتكريس مشروعها انغراس كيان يهود في قلب البلاد الإسلاميّة برعاية عربيّة. وفي هذا السّياق تأتي الأخبار بأنّ الوفد التّونسي الذي قاده وزير خارجيّة تونس نبيل عمّار قد سجّل تحفّظه على نقاط من البيان من أهمّها "حدود 1967" و"حلّ الدّولتين" و"القدس الشّرقيّة". بما يعني في الظّاهر أنّ تونس ترفض وجود كيان يهود وتدعو إلى تحرير كامل أرض فلسطين التّاريخيّة، وقد عُدّ هذا من المواقف "المشرّفة" التي يُباهي بها النّظام. فهل هو موقف حقيقي وصادق؟

 

لكي نفهم حقيقة هذا الموقف نذكّر بما قاله الرئيس قيس سعيّد في 2021 بأن "تونس،...، ستقوم بواجبها في كل المحافل الإقليمية والدولية في تنسيق كامل مع الأشقاء الفلسطينيين، وهو ما سيتم فعلا في جلسة مجلس الأمن التي دعت لها تونس والتي ستُخصص للتداول بشأن التصعيد الخطير والممارسات العدوانية لسلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة". هذا وقد كلّف الرئيس قيس سعيّد وزير الخارجيّة حينها بدعوة مجلس الأمن إلى النظر في قضيّة فلسطين، وأساس الدّعوة عند قيس سعيّد هي ما يزعمه من شرعيّة دوليّة.

 

وتكلّم مندوب تونس الدّائم لدى منظمة الأمم المتحدة، طارق الأدب، في "بيان تونس" الذي ألقاه خلال جلسة الجمعية العامة للمنظمة الأممية، المنعقدة يوم الأربعاء 2024/05/01 بنيويورك، "دعم تونس للطلب الفلسطيني للحصول على العضوية الكاملة، داعيا الدول الأعضاء إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتبارها تستحقّ مكانها الطبيعي بين بقية أعضاء الأمم المتحدة". بما يعني أنّ موقف السّلطة في تونس يدعو إلى حلّ مسألة فلسطين كما حدّدها مجلس الأمن، الممثّل المزعوم للشرعيّة الدّوليّة، ولا يخفى أنّ القول بالشرعيّة الدّوليّة هو أوّل التطبيع وهو أوّل الخيانة، وقد صرّح قيس سعيّد في مناسبات كثيرة أنّ تونس تقبل بما يقبل به الفلسطينيّون، (هكذا) وأنّ تونس مع المبادرة العربيّة (التي قدّمها عبد الله ملك السّعوديّة سنة 2002) المعروفة بـ"الأرض مقابل السّلام"، أي أن يعيد كيان يهود الأرض التي احتلّها سنة 1967 أو بعضها مقابل اعتراف الدّول العربيّة بها.

 

وعليه فإنّ تحفّظ تونس ليس مخالفة أو خروجا عن صفّ الخيانة الرّسميّة، إنّما هو من قبيل المزايدات وتسجيل مواقف تظهر عليها مظاهر الشّرف وهي ليست إلّا للاستهلاك الشّعبي والاستخفاف بالعقول. وما يدلّك على كذب السّلطة في تونس أنّها في هذه الأيّام تدخل في المناورات العسكريّة الموسومة بـ"الأسد الأفريقي" التي نظّمتها أمريكا في تونس والمغرب حيث تقود القوّات الأمريكيّة تمارين عسكريّة غايتُها أن تُمرّن قوّاتها على القتال في بلاد المسلمين ولتتعرّف أكثر على طبيعة الميدان، هذا وأمريكا هي المعتدي الأوّل على فلسطين وغزّة ومع ذلك تتحالف معها السّلطة وتسخّر لها الأرض والجنود والضّبّاط ليكونوا في خدمتها بل وتحت أوامرها!

 

يريدون بمثل هذه الاجتماعات تضليل الرأي العامّ وإلهاءه بأنّهم يبحثون عن حلول لفلسطين، وهم في الحقيقة يعطون المهلة تلو المهلة لأمريكا وعصابات يهود ليدمّروا ويقتلوا عسى أن ينفد صبر أهلنا في غزّة فينقلبوا على المجاهدين هناك. ولكن هيهات هيهات، لما يرجون، وخاب مسعاهم، ولن تمحو مثل هذه الاجتماعات عارهم إذ وقفوا يتفرّجون على الذّبح اليومي المستحرّ في فلسطين، عصابات يهود تُعربد وهم يحبسون جيوشهم، وتتكدّس الأسلحة عندهم ولا يتحرّكون إلّا لقمع المسلمين ومساندة يهود وأمريكا! وفاتهم أنّ لا تبديل لسنن الله، وأنّه من سنن الله الرّاسخة ما جاء في محكم التّنزيل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.

 

نعم إنّها سُنّة الاستبدال، فلا يغرّنّ الذين صمتوا والذين تخاذلوا والّذين شاركوا في قتل أهلنا في فلسطين وغيرهم، لا يغُرّنّهم رضا أمريكا وحلفائها عنهم، ولا يقولنّ ضابط أو جنديّ "أنا عبد مأمور" فإنّ الله قد قضى وحكم أنّه من تخاذل أو خان فلن يكون من أمّة محمّد، وأنّه جار عليه حكم التّبديل، والبديل هذه المرّة رجال يُحبّون الله ويُحبّهم الله، يُجاهدون في الله حقّ جهاده، وهم من سيقتلع يهود وكيانهم من الأرض المباركة، وهم من سيُنسي أمريكا وحلفاءها وأتباعها وساوس الشّيطان، هذا وعد الله، ومن أقوى أماراته أن لم يبق لمنافق أو متخاذل ستر يستتر وراءه فقد انكشف الغطاء عن الجميع، وهذا موعد الاستبدال. نسأل الله تعالى أن يَعُدّنا من عباده الصّادقين المخلصين المجاهدين، عسى أن نكون في ركب الخير.

 

 

بقلم: الأستاذ محمد الناصر شويخة

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس

 

 

المصدر: جريدة الراية 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع